بين الصراحة والوقاحة

*ضياء العيداني

الصراحة: هي قول الحقيقة من اجل البناء (أي النقد الايجابي الذي يعود على المخاطب بالخير، أما الوقاحة فهي النقد السلبي الذي يجرح المخاطب دون أن يحقق الفائدة له أو للمتكلم، فماذا تستفيد إن قلت للأعور: (يا أعور)! أتعيب الخلق أم تعيب الخالق؟! وهل عَوره بيده؟ يقول النبي (ص): (لا تظهر الشماتة لأخيك يعافيه الله ويبتليك).
والصراحة مطلوبة في النصيحة وفي جميع الاحوال ولو كان فيها بعض المرارة لكن الوقاحة مرفوضة في جميع الاحوال لأنها تجرح وتؤثر سلباً على المخاطب والمتكلم.
والصدق والصراحة هما مفتاح النجاح في كل شيء، فقد نعاني ونرى في البداية طريقنا مزروع بالشوك ولكن في النهاية نرتاح لأننا كنا صادقين في الاول مع انفسنا ومن ثم مع الآخرين.

إن بحثنا في هذا الموضوع يدور حول كيف أن تقول ما بخاطرك، أو بتعبير آخر كيف تعبر عن رأيك، وكيف تنطق كلمة (لا) إذا كانت هي المراد من قولك.
فكثير ما يكون التعبير عن الرأي أو رفض رأي بأسلوب جاف، وقد يصفه البعض بالوقاحة، ولكن من الصراحة ما لا تكون جافة حتماً، بل تعبير عن موقف بلا تردد وبأسلوب لا يخل بالأدب مع قطع النظر عن تأثيره على الآخرين لذا فمن الضروري معرفة كيفية قول (لا) بلباقة كاملة.
يقول تعالى: "قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى"، فإذا لم تكن قادراً على أن تعطي صدقة، فلا أقل أن تعرف كيف ترفض ذلك ضمن إطار (القول بالمعروف)، فإنك حينما تكون صريحاً في الإفصاح عن رأيك، أو في إبراز توقعاتك أو في المطالبة بحقك، فإنك تحفظ كرامتك من جهة وتدفع الآخرين إلى احترامك من جهة أخرى.
إذن قل (لا) فهذه واحدة من أفضل الكلمات لتعليم الآخرين، وانس التردد والارتياب اللذين يعطيان الآخرين مجالاً لإساءة فهمك، فالناس يحترمون (لا) حازمة أكثر من احترامهم التصرف المتردد الذي تبغي من ورائه إخفاء مشاعرك الحقيقية، ناهيك عن أن احترامك لنفسك سيزداد أيضاً.
وعندما تواجه متبرماً او متطفلاً عند طرح رأيك الصريح مع من هو من هاضمي حقوق الآخرين فعليك بوصف تصرفاتهم بعبارات مثل: (لقد قاطعتني لتوك) فمثل هذا الأسلوب يعد وسيلة ممتازة تجعل الناس يدركون اسلوبهم المجافي، وكلما ازداد هدوؤك وصراحتك في توجيه ملاحظاتك وآرائك الى صلب الموضوع تضاءل الوقت الذي تقضيه في مقعد الضحية.
وكذلك على من يريد نقل رأيه بسلام عليه تجنب الغضب لكي لا ينفجر فيؤدي به الى تصرفات سيئة و وقحة، لأن الغضب كالقنبلة الموقوتة بإمكانه أن يدمر العلاقات وحياة الأفراد وحتى الأسر بكاملها.

*في الصراحة راحة*
صرح بما يضايقك وافرض إرادتك إيجابياً، فما من شخص طبيعي لا يستبد به الغضب حين يتعرض للإهانة انما مهما حدث لا تدع كلمات الغضب والتقريع تصدر عنك في موقفك العدواني فإذا كان غريمك شخصاً لن تحتاج الى التعامل معه لاحقاً فابتعد عنه، واذا كان ممن لا يمكنك تحاشيهم فحاول بكل هدوء بعيداً عن الحقد والضغينة أن تبين له ما يضايقك في سلوكه فهذا المنحى التوجهي يتيح للشخص الآخر فرصة لتغيير موقفه من غير أن يشعر بالإساءة.
واذا كنت من ذوي الحقوق فاتبع الأسلوب الذي يتسم بالإلحاح وكثر الإصرار لأخذ حقك حتى في الأماكن التي يبدو فيها سلوك من هذا القبيل سخيفاً.
وتذكر انك تلاقي معاملة بالطريقة التي أنت تعلّم الناس أن يعاملوك بها فإذا اتخذت من هذه العبارة (ليكن لك رد فعل معقول)، دليلاً في حياتك، فإنك ستكون في الطريق نحو البدء بتوجيه الأمور على النحو الذي تشاء.



   

تعليقات