الأنانية ومراتبها.... شعلة النار التي تحرق صاحبها


* ضياء العيداني

 ان هناك كثيراً من الاشخاص ممن يحملون صفة الانانية كجزء من تكوينهم الشخصي والانساني بل تكاد تلك الصفة تندرس فيهم يفضحها سلوكهم وحركة ايديهم ونظراتهم.. بل حتى مشيتهم..
 وان الانانية كصفة تظهر احياناً عند الاطفال في سن الثامنة عشر شهراً، بسبب عدم اهتمام الام بطفلها، نتيجة اضطراب في شخصيته، كذلك تبدأ الانا بالظهور بين سن الثانية والعاشرة وهذا يعتمد على معاملة الوالدين له خلال تلك السنوات، وقد يلحقه ايضاً الاذى الذي يتلقاه الطفل ممن لهم سلطة عليه، من اقرانه او غيرهم، وان الانانية تعد واحدة من الامراض الاجتماعية الشائعة والشخص الاناني بطبيعة الحال يكون شخصا مستقبلا فقط وغير قابل للعطاء، لان سايكلوجيته وتركيبته الشخصية تحدان من توجهه ورغبته في العطاء وهو شخص غير مرغوب به في الاوساط الاجتماعية والعائلية ويصعب التعامل معه بالطريقة المرضية، لقناعته التامة بحسن ما يفعل وهو دائم الشعور بالتعالي ويرى ان الكائنات جميعا هي دونه في الدرجة وعليها ان تسعى لتعظيم ذاته وكأن الاخرين لا يمتلكون مشاعر او احاسيس من الممكن ان تصطدم به، وقد تتعاظم الأنا عند الاشخاص اذا قوبلت بالاجواء المناسبة لها وتستفحل عند حاملها حتى تتطور الى مرض شائع يسمى بداء العظمة هذا الداء الذي يصاب به قادة الحروب الذين يجرون شعوبهم الى ويلات كثيرة، بسبب خنوع الجند لهم يحكمهم الخوف وليس الرضا، فيصورون لقادتهم انهم مقبلون على خلاص البشرية من شرور عظمى.

مراتب الانانية:
المرتبة الاولى: التمحور حول الذات، أي ان يعيش الانسان لذاته فحسب، فيوظف كل طاقاته وامكاناته وجهوده لصالح ذاته، وتحقيق الرفاهية لحياته الخاصة، ويرفض ان يصرف ولو جزءاً صغيراً من طاقاته لخدمة الاخرين، او القيم والمبادئ، لذلك فهو يتابع الاخبار التي تصب في اساليب الترفيه، وتسهيل الحياة، وزيادة المكاسب والمصالح، وبغض الطرف عن الاخبار التي تتعلق بالمجتمع او الامة، طالما لا توفر له اي ميزات، لذلك حينما يسمع عن مآسي مجتمعه او امته، يسمعه ككلمات جفاء، لا روح فيها، ولا يجد نفسه مسؤولاً عن بذل ادنى جهد، او دفع اقل مبلغ، لتوفير الحياة لشخص يتضور جوعا، او عذابا، في سجون الطغاة، او يبني مؤسسة خيرية تعمل على تثقيف المجتمع، فضلا عن الدخول في سوح الجهاد.
المرتبة الثانية: ظهور الاخلاق والصفات الانانية: مرض الانانية مرض عضال، ولانه عضال فهو يتفاقم وتزداد مضاعفاته واعراضه في شخصية الانسان الاناني، وهنا نتطرق الى اهم الصفات السيئة التي يفرزها مرض الانانية:
1 ـ التعصب
2 ـ التكبر :
3 ـ حب الظهور « الرياء » :
4 ـ الغرور :
المرتبة الثالثة: معاداة الاخرين والعمل ضدهم: اذا كان الانسان الاناني في المرحلة الاولى من نشوء بذرة الانانية يهتم بمصالحه الشخصية، ثم ينتقل الى المرتبة الثانية، فتبرز لديه الصفات الانانية، كالتعصب والكبر وحب الظهور والغرور، فانه في المرحلة الثالثة، تبدأ امراض الانانية تنتقل من دائرته الشخصية، لتصطدم مع الاخرين، فيتصور ان الاخرين هم سبب الحد من حصوله على المزيد من المستلزمات التي توفر له الاشباع لعاطفة حب الذات، ويرى بقاءه ورفاهيته وبروزه وانتصاره ونجاحه في اسقاط الاخرين، وتحطيم شخصياتهم، فيحاول ان يبني لنفسه شخصية ووجاهى على انقاض الاخرين، ولهذه المضاعفات الناشئة من مرض الانانية في المرتبة الثالثة، مظاهر، فاذا اردنا ان نعرف هل وصل شخص مصاب بمرض الانانية، الى المرتبة الثالثة، التي تتجلى في معادة الاخرين فاننا نلاحظ في سلوكه المظاهر التالية:
1 ـ تضخيم سلبيات الاخرين :
2 ـ حسد الاخرين :
3 ـ وضع العقبات والعراقيل امام الاخرين
آثار الأنانية
الانانية تفوت على النفس لذة العطاء، فإن للعطاء انشراحاً في الصدر، وسعادة لا يعرفها إلا من جربها، و الأناني محروم من ذلك، ومن المعروف إن إسعاد الآخرين أقصر وسيلة لإسعاد النفس، لذا فالاناني محروم من هذه السعادة، كما ان الانانية تجلب الحقد بين الأفراد و تولد الخصومة، وتؤدي إلى دنو الهمة إذ تصبح تلك النفس قيد المنفعة الذاتية فقط، كما إنها تجر إلى حسد الآخرين على ما أنعم الله عليهم.

علاج المرض
عند علاج مرض الأنانية لابد من الوقوف على دواخل الانسان فيعلم اولاً انه مصاب بمرض الانانية، ثم يمقت هذه الصفة التي في نفسه ويحاول ان يسير عكسها اي بصفة الإيثار، وأن يضع الإنسان نفسه مكان صاحب الحاجة، ويعامل الآخرين بما يحب أن يعاملوه به، ثم تدريب النفس بمزاولة الأمور التي تخلص الإنسان من هذه الصفة، وبخاصة في لحظات الضعف التي تعتريه، فإذا شعر بها ففي تلك اللحظة يقدم على خدمة الناس و إيثارهم بما يحبه و يشتهيه لنفسه، ومما يعين على ذلك تذكر بعض الأحاديث التي تحث على ذلك، والتي منها: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

تعليقات